إليكم إخوتي الكرام تفسير ثلاث سور نرددها في اليوم مرات و قد لا يعلم أكثرنا معانيها
قال العلامة ناصر السعدي في كتابه:"تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلام المنان"
سورة الإخلاص
" قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "
أي : " قل " قولا جازما به ، معتقدا له ، عارفا بمعناه .
" هو الله أحد "، أي : قد انحصرت فيه الأحدية ، فهو الأحد المنفرد بالكمال ، والذي له الأسماء الحسنى ، والصفات الكاملة العليا ، والأفعال المقدسة ، الذي لا نظير له ولا مثيل .
" الله الصمد " أي : المقصود في جميع الحوائج . فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار ، يسألونه حوائجهم ، ويرغبون إليه في مهماتهم ، لأنه الكامل في أوصافه ، العليم الذي قد كمل في علمه . الحليم الذي كمل في حلمه . الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء ، وهكذا سائر أوصافه . ومن كماله ، أنه
" لم يلد ولم يولد " لكمال غناه
" ولم يكن له كفوا أحد "، لا في أسمائه ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله ، تبارك وتعالى . فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات .
سورة الفلق
" قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد "
أي : " قل "متعوذا
" أعوذ " أي : ألجأ ، وألوذ ، وأعتصم
" برب الفلق " أي : فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح .
" من شر ما خلق " وهذا يشمل جميع ما خلق الله ، من إنس ، وجن ، وحيوانات ، فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها . ثم خص بعدما عم ، فقال :
" ومن شر غاسق إذا وقب " أي : من شر ما يكون في الليل ، حين يغشى النعاس ، وينتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة ، والحيوانات المؤذية .
" ومن شر النفاثات في العقد " أي : ومن شر السواحر ، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد ، التي يعقدنها على السحر .
" ومن شر حاسد إذا حسد " والحاسد : هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها ، بما يقدر عليه من الأسباب . فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره ، وإبطال كيده . ويدخل في الحاسد ، العاين؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع ، خبيث النفس . فهذه السورة تضمنت الاستعاذة ، من جميع أنواع الشرور ، عموما وخصوصا . ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره ، ويستعاذ بالله منه ، ومن أهله .
سورة الناس
" قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس "
وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم من الشيطان ، الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها ، الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس ، فيحسن لهم الشر ، ويريهم إياه في صورة حسنة ، وينشط إرادتهم لفعله . ويثبطهم عن الخير ، ويريهم إياه في صورة غير صورته . وهو دائما بهذه الحال ، يوسوس ثم يخنس ، أي : يتأخر عن الوسوسة ، إذا ذكر العبد ربه ، واستعان على دفعه . فينبغي له أن يستعين ويستعيذ ، ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم . وأن الخلق كلهم ، داخلون تحت الربوبية والملك ، فكل دابة هو آخذ بناصيتها . وبألوهيته التي خلقهم لأجلها ، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم ، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ، ويحول بينهم وبينها ، ويريد أن يجعلهم من حزبه ، ليكونوا من أصحاب السعير . والوسواس كما يكون من الجن ، يكون من الإنس .